١٠ سبتمبر ٢٠٠٦

دعاء

الاحد‏، 10‏ سبتمبر- أيلول‏، 2006 كنت قد عزفت عن قراءة الجرائد العربية منذ أمد بعيد، وكثيرنا يعلم السبب. عزفت ايضاً عن قرائة الجرائد الايطالية واكتفيت بمطالعة المواقع الخاصة بالاخبار على شبكة الانترنت. هجرتُ الجزيرة والسي ان ان والبي بي سي بعد ان اتضح لي مدى تأثيرهم السلبي على حالتي النفسية وكنت آخذاً على محمل الجد المبالغ فيه كل حدث وكل رواية، وكنت آمل، انتظر، اقنع نفسي أن نصراً ما، لا محالة، قادم أو أن خبراً يسرُّ الفؤاد عن قليل آتِ. لم أرد أن اصدق أن ايران والعراق قد يستمرا في حربهما، التي تخيلتها حرباً مزيفة لامحالة منتهية في بضعة ايام. كانت اذاعة العراق تخصص اياما لاحتفالات عيد ميلاد صدام حسين وتصب على أذني آخبار انتصارات كتلك التي سمعتها بين السادس من شهر يونيو 1967 والتاسع منه. حاولت أن استمع الى مايقوله الطرف الآخر ولم اتمكن من فهم اللغة الفارسية وان كانت مليئة بالمفردات العربية. اللهجة، بالرغم من هذا، كانت شبيهة بتلك التي ينفخها صوت العراق. صوت ايران يؤكد لمستمعية، مستخدماً آيات القرآن بأن الله مع ايران ومع آيات الله، وصوت العراق يقسم لكل من يفقه العربية، مستخمداً عين آيات القرآن، أن الله مع العراق ومع صدام وفي نفس الوقت كان الكثيرون يؤكدون ايضاً، عبر ابواق الراديو في كل بقاع الوطن العربي، مستخدمين عين آيات القرآن، أن الله مع ياسر عرفات وهو ايضا مع حافظ الاسد ومع خادم الحرمين ومع زعيم الامة ذاك ومع الأخ العقيد ومع من لا أذكر بعد اسمه ولقبه. كنت طفلاً حين كانت خطبة الجمعة في مساجد مصر كلها تنتهي بالدعاء للرئيس وتدعو بالنصر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والمغفرة للاحياء منهم والاموات حتى تهلهلت كلمات الدعاء عبر السنين واصبحت في سمع المصلين ايحاءاً بقرب نهاية صلاة الجمعة وانهم لا شك خارجين من المسجد لشراء الليمون والفجل وجريدة الهمبورية (اصطلاح كان قد اطلق على الجرائد الثلاث في مصر لتماثلها في كل ما كان يكتب). وعدت الى مصر بعد العديد من السنين ووجدتني الوذ بعين المسجد ووجدتني استمع الى عين الحديث والدعاء وان تغير بطبيعة الحال شخص الخطيب وشخص الزعيم. أتساءل، وقد اتخذت مسجدي في آخر قاعة المسجد، "الم يستجب الله لهم بعد؟ لقد مرت اعوام كثيرة منذ كنت ابكي هنا عام 1960 متأثراً بعذابات القبر! الم يتسجب الله لنا بعد بالرغم من الابواق المعلقة على كل المآذن المتعددة وبالرغم من صوت الخطيب المتحشرج بالبكاء؟" لا، لم يستجب الله لنا، ولا يبدو ان في نيّته ان يستجيب لنا على الاطلاق، على العكس من كل ما نعتقد، فان الله لا يستجيب دعواتنا فحسب بل يلقيها على رؤوسنا بكل ما سألنا لأعدائنا. كنا قد فقدنا نصف فلسطين ثم خسرنا ثلاثة ارباعه ثم الجولان والضفة ثم لبنان ومن بعده العراق. خسرنا الطريق المستقيم بالرغم من دعواتنا اليومية أن اهدنا الصراط المستقيم، وجعلنا من رؤسائنا وملوكنا آلة تشارك الله في ملكوته وفي صلاة الجمعة. اصبحنا منافقين يصبوا اللعنة على المنافقين ومشركين متأففين من الشرك وملعونين في الدنيا يلعنوا انفسهم.

ليست هناك تعليقات: